تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبولندا يوم غد الاثنين ترسيخا لعلاقات تعود جذورها للعقد الثالث بالقرن الماضي حيث كان الملك فيصل بن عبدالعزيز «رحمه الله» قام بزيارة لهذه الدولة الاوروبية بصفته وزيرا للخارجية عام 1932م ضمن جولة خارجية شملت كذلك بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا وهولندا وسويسرا والاتحاد السوفيتي. التقى الملك فيصل خلال تلك الزيارة الزعيم البولندي جوزيف بليسودسكي والرئيس (آنذاك) اغناتسي موشتيتسكي الذي قلده وسام النهضة من الدرجة الاولى وهو ارفع وسام بولندي.كما التقى رئيس مجلس الوزراء البولندي في ذلك الحين الكسندر بريستور ونائب وزير الخارجية جوزيف بيك اثناء الزيارة التي جاءت ردا على زيارة قام بها وفد بولندي ضم الكونت ادوارد دارزيسنكي واتشينسكي المسؤول بوزارة الخارجية ومفتي بولندا د. يعقوب شينكييفتش لجدة عام 1930م.
د. عبدالرحمن الشبيلي عضو مجلس الشورى سابقا يشير الى زيارة الملك فيصل التاريخية لوارسو التي مهدت لاقامة علاقات قوية ومتينة بين المملكة وبولندا قائلا: ان العلاقات السياسية بين الدولتين ظلت متواصلة منذ عام 1930م حتى بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939م وتحكم النظام الشيوعي في بولندا.
ويضيف في ندوة اقيمت بالرياض عام 1423هـ بمناسبة مرور 70 عاما على تلك الزيارة انه بعد انهيار الشيوعية بدأت خطوات لاعادة العلاقات السعودية-البولندية الدبلوماسية تكللت بافتتاح سفارة لبولندا بالرياض عام 1998م وافتتاح السفارة السعودية في وارسو عام 2001م.
ويتحدث د. يحيى زدانوفسكي رئيس مركز البحوث للبلدان غير الاوروبية في اكاديمية العلوم البولندية عن اثر زيارة الملك فيصل لبولندا على العلاقات الثنائية بين البلدين مشيرا الى بدايات اهتمام البولنديين بشبه الجزيرة العربية ورحلة الكونت واكلورزيونسكي الى مكة المكرمة والدرعية عام 1815م ورحلة الكونت جيرزي دزبيدوسزيكي الى حائل عام 1944م وقيام رحالة بولنديين بزيارة لشبه الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر.
ويقول في الندوة التي نظمتها وزارة الخارجية بالتنسيق مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات والسفارة البولندية انه بعد استقلال بولندا عام 1919م بدأ منظور جديد للعلاقة بينها وبين شبه الجزيرة.. وبعد أن وضع الملك عبدالعزيز أسس اقامة المملكة الموحدة بدأت اتصالات اولية بين البلدين في عام 1929م حيث قام مبعوث جلالته بزيارة لوارسو واعترفت بولندا بابن سعود ملكا للحجاز ونجد وملحقاتها في نفس العام وكانت الدولة التاسعة عشرة التي اقامت علاقات دبلوماسية مع دولته بقرار اتخذته في الحادي عشر من شهر مارس عام 1930م.
وفي ذات العام قامت بعثة بولندية رسمية بزيارة جدة حيث التقت الملك عبدالعزيز.
وضمت تلك البعثة الكونت ادوارد راسزنسكي ويعقوب سينكيوسز ومهدت زيارتهما للزيارة التي قام بها الملك فيصل لبولندا بعد عامين وكان «رحمه الله» حينذاك «وزيرا للخارجية ورئيسا لمجلس الشورى».
وحظيت زيارته باهتمام كبير من الصحافة البولندية واستقبله المارشال بليسودسكي والرئيس موسوسكي الذي قلده اعلى وسام بولندي ومهدت زيارته لاقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين ثم تتابعت زيارات مسؤولين سعوديين على مستوى عال لبولندا وكانت هناك آمال في تعاون اقتصادي وثيق بل تم التخطيط لمشاركة بولندا في انشاء خط سكة حديد الحجاز لكن لم تتم العلاقات الدبلوماسية الكاملة الا في مايو عام 1990م اي بعد «63» عاما من زيارة الملك فيصل.
علاقات دبلوماسية
ويتطرق د. يحيى زدانوفسكي الى الظروف الدولية التي احاطت بالبلدين مثل اندلاع الحرب العالمية الثانية التي علقت جميع محادثات التعاون بينهما وانضمام بولندا لحلف وارسو ووجودها ضمن المنظومة الشيوعية بزعامة الاتحاد السوفيتي.. موضحا انه مع التغييرات التي شهدتها بولندا بعد سقوط الشيوعية وانخفاض حدة الحرب الباردة بدأت بوادر علاقات ثنائية بين البلدين واعلن وزير الخارجية البولندي كـ . سكوبزيوسكي في ابريل عام 1990م نية بلاده اقامة علاقات مع دول بقارات اخرى غير القارة الاوروبية مؤكدا للدول العربية ان استئناف العلاقات مع اسرائيل في ذلك العام لن يخل بمصالح الدول الاخرى في منطقة الشرق الأوسط.
وترجمة لذلك الاعلان على ارض الواقع وقعت حكومتا المملكة وبولندا في ديسمبر عام 1990م اتفاقية تنص على تأكيد الصداقة والتعاون والتفاهم بين الأمم في العالم واتفقت الدولتان على نشر قوات بولندية مساندة على ارض المملكة لتقديم الدعم الطبي أثناء حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
وأقيمت علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء بين المملكة وبولندا في عام 1995م وتبادلت الدولتان زيارات وفود تجارية وبرلمانية وثقافية وفنية.
زوال الحاجز الايدلوجي
ويشير د. صالح الخثلان الاستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود في نفس الندوة الى أن تطور العلاقات السعودية-البولندية يأتي في اطار استراتيجية تبنتها المملكة لتوسع دائرة العلاقات وزيادة النشاط الدبلوماسي مع دول منطقة وسط وشرق افريقيا بعد زوال الحاجز الايدلوجي الذي كان اعاق اقامة علاقات طبيعية.
ويقول ان المدخل لاقامة علاقات مع تلك الدول كان ما قامت به المملكة من دور كبير في اغاثة المنكوبين والمهجرين من أبناء البوسنة والهرسك خلال المأساة التي تعرضوا لها في التسعينات بالقرن العشرين الماضي وتقديم المساعدات السعودية لاغاثة المسلمين الالبان المتضررين من الحرب التي اندلعت في كوسوفا عام 1999م.
واسهمت مشاركة فرق عسكرية وطنية من دول وسط وشرق افريقيا في حرب تحرير الكويت في وضع أسس لعلاقات المملكة معها.
وما يسوغ توثيق المملكة العربية السعودية للعلاقات مع هذه الدول اهميتها السياسية والاقتصادية والحجم الكبير لسوقها وامكانياتها الصناعية وموقعها الاستراتيجي.
فعلى مستوى العلاقات التجارية يبلغ اجمالي الواردات للمملكة من بولندا في عام 2000م «260» مليون ريال وتصاعدت بوتيرة متسارعة في الاعوام التي تلته.
علاقات تاريخية
وعن العلاقات التاريخية بين بولندا والبلدان العربية والاسلامية يقول د. يانوش دانيسكي رئيس قسم الدراسات العربية والاسلامية في معهد الاستشراق بجامعة وارسو انها تستند على عدة عوامل أبرزها الاتصالات بين بولندا والعالم الاسلامي ممثلا في الدولة العثمانية وانصهار الثقافة التركية الاسلامية في بولندا.. وموقف المسلمين في هذه الدولة الاوروبية حيث كانوا مسالمين وعلى استعداد للتكيف والانفتاح على الآخرين مع تمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم.
وفي اوائل العشرينات من القرن التاسع عشر الماضي قامت مجموعة من الطلاب البولنديين في جامعة فيينا بدراسة الاسلام والتاريخ العربي وكان منهم الشاعر المعروف ادم ميكيويسز الذي ترجم عدداً من القصائد الشعرية العربية التي ماتزال تدرس ضمن مناهج المدارس البولندية.
كما اهتم عدد من الاساتذة الجامعيين البولنديين بالدراسات العربية والاسلامية.. وتشمل الدراسات العربية والاسلامية في بولندا مختلف مجالات الثقافة والأدب والتاريخ والجغرافيا والدراما.
د. عبدالرحمن الشبيلي عضو مجلس الشورى سابقا يشير الى زيارة الملك فيصل التاريخية لوارسو التي مهدت لاقامة علاقات قوية ومتينة بين المملكة وبولندا قائلا: ان العلاقات السياسية بين الدولتين ظلت متواصلة منذ عام 1930م حتى بداية الحرب العالمية الثانية عام 1939م وتحكم النظام الشيوعي في بولندا.
ويضيف في ندوة اقيمت بالرياض عام 1423هـ بمناسبة مرور 70 عاما على تلك الزيارة انه بعد انهيار الشيوعية بدأت خطوات لاعادة العلاقات السعودية-البولندية الدبلوماسية تكللت بافتتاح سفارة لبولندا بالرياض عام 1998م وافتتاح السفارة السعودية في وارسو عام 2001م.
ويتحدث د. يحيى زدانوفسكي رئيس مركز البحوث للبلدان غير الاوروبية في اكاديمية العلوم البولندية عن اثر زيارة الملك فيصل لبولندا على العلاقات الثنائية بين البلدين مشيرا الى بدايات اهتمام البولنديين بشبه الجزيرة العربية ورحلة الكونت واكلورزيونسكي الى مكة المكرمة والدرعية عام 1815م ورحلة الكونت جيرزي دزبيدوسزيكي الى حائل عام 1944م وقيام رحالة بولنديين بزيارة لشبه الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر.
ويقول في الندوة التي نظمتها وزارة الخارجية بالتنسيق مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات والسفارة البولندية انه بعد استقلال بولندا عام 1919م بدأ منظور جديد للعلاقة بينها وبين شبه الجزيرة.. وبعد أن وضع الملك عبدالعزيز أسس اقامة المملكة الموحدة بدأت اتصالات اولية بين البلدين في عام 1929م حيث قام مبعوث جلالته بزيارة لوارسو واعترفت بولندا بابن سعود ملكا للحجاز ونجد وملحقاتها في نفس العام وكانت الدولة التاسعة عشرة التي اقامت علاقات دبلوماسية مع دولته بقرار اتخذته في الحادي عشر من شهر مارس عام 1930م.
وفي ذات العام قامت بعثة بولندية رسمية بزيارة جدة حيث التقت الملك عبدالعزيز.
وضمت تلك البعثة الكونت ادوارد راسزنسكي ويعقوب سينكيوسز ومهدت زيارتهما للزيارة التي قام بها الملك فيصل لبولندا بعد عامين وكان «رحمه الله» حينذاك «وزيرا للخارجية ورئيسا لمجلس الشورى».
وحظيت زيارته باهتمام كبير من الصحافة البولندية واستقبله المارشال بليسودسكي والرئيس موسوسكي الذي قلده اعلى وسام بولندي ومهدت زيارته لاقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين ثم تتابعت زيارات مسؤولين سعوديين على مستوى عال لبولندا وكانت هناك آمال في تعاون اقتصادي وثيق بل تم التخطيط لمشاركة بولندا في انشاء خط سكة حديد الحجاز لكن لم تتم العلاقات الدبلوماسية الكاملة الا في مايو عام 1990م اي بعد «63» عاما من زيارة الملك فيصل.
علاقات دبلوماسية
ويتطرق د. يحيى زدانوفسكي الى الظروف الدولية التي احاطت بالبلدين مثل اندلاع الحرب العالمية الثانية التي علقت جميع محادثات التعاون بينهما وانضمام بولندا لحلف وارسو ووجودها ضمن المنظومة الشيوعية بزعامة الاتحاد السوفيتي.. موضحا انه مع التغييرات التي شهدتها بولندا بعد سقوط الشيوعية وانخفاض حدة الحرب الباردة بدأت بوادر علاقات ثنائية بين البلدين واعلن وزير الخارجية البولندي كـ . سكوبزيوسكي في ابريل عام 1990م نية بلاده اقامة علاقات مع دول بقارات اخرى غير القارة الاوروبية مؤكدا للدول العربية ان استئناف العلاقات مع اسرائيل في ذلك العام لن يخل بمصالح الدول الاخرى في منطقة الشرق الأوسط.
وترجمة لذلك الاعلان على ارض الواقع وقعت حكومتا المملكة وبولندا في ديسمبر عام 1990م اتفاقية تنص على تأكيد الصداقة والتعاون والتفاهم بين الأمم في العالم واتفقت الدولتان على نشر قوات بولندية مساندة على ارض المملكة لتقديم الدعم الطبي أثناء حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي.
وأقيمت علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء بين المملكة وبولندا في عام 1995م وتبادلت الدولتان زيارات وفود تجارية وبرلمانية وثقافية وفنية.
زوال الحاجز الايدلوجي
ويشير د. صالح الخثلان الاستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود في نفس الندوة الى أن تطور العلاقات السعودية-البولندية يأتي في اطار استراتيجية تبنتها المملكة لتوسع دائرة العلاقات وزيادة النشاط الدبلوماسي مع دول منطقة وسط وشرق افريقيا بعد زوال الحاجز الايدلوجي الذي كان اعاق اقامة علاقات طبيعية.
ويقول ان المدخل لاقامة علاقات مع تلك الدول كان ما قامت به المملكة من دور كبير في اغاثة المنكوبين والمهجرين من أبناء البوسنة والهرسك خلال المأساة التي تعرضوا لها في التسعينات بالقرن العشرين الماضي وتقديم المساعدات السعودية لاغاثة المسلمين الالبان المتضررين من الحرب التي اندلعت في كوسوفا عام 1999م.
واسهمت مشاركة فرق عسكرية وطنية من دول وسط وشرق افريقيا في حرب تحرير الكويت في وضع أسس لعلاقات المملكة معها.
وما يسوغ توثيق المملكة العربية السعودية للعلاقات مع هذه الدول اهميتها السياسية والاقتصادية والحجم الكبير لسوقها وامكانياتها الصناعية وموقعها الاستراتيجي.
فعلى مستوى العلاقات التجارية يبلغ اجمالي الواردات للمملكة من بولندا في عام 2000م «260» مليون ريال وتصاعدت بوتيرة متسارعة في الاعوام التي تلته.
علاقات تاريخية
وعن العلاقات التاريخية بين بولندا والبلدان العربية والاسلامية يقول د. يانوش دانيسكي رئيس قسم الدراسات العربية والاسلامية في معهد الاستشراق بجامعة وارسو انها تستند على عدة عوامل أبرزها الاتصالات بين بولندا والعالم الاسلامي ممثلا في الدولة العثمانية وانصهار الثقافة التركية الاسلامية في بولندا.. وموقف المسلمين في هذه الدولة الاوروبية حيث كانوا مسالمين وعلى استعداد للتكيف والانفتاح على الآخرين مع تمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم.
وفي اوائل العشرينات من القرن التاسع عشر الماضي قامت مجموعة من الطلاب البولنديين في جامعة فيينا بدراسة الاسلام والتاريخ العربي وكان منهم الشاعر المعروف ادم ميكيويسز الذي ترجم عدداً من القصائد الشعرية العربية التي ماتزال تدرس ضمن مناهج المدارس البولندية.
كما اهتم عدد من الاساتذة الجامعيين البولنديين بالدراسات العربية والاسلامية.. وتشمل الدراسات العربية والاسلامية في بولندا مختلف مجالات الثقافة والأدب والتاريخ والجغرافيا والدراما.